Wednesday 6 November 2013

حضرة المحترم قلبى



حضرة المحترم قلبى ..

لا تتأتى لى فرصة أبداً كى أرسل إليك, وأعترف بتقصيرى الشديد فى حقّك..أقرّ أيضاً أننى شديدة الجحود معك ..أنت.. مَن يرسل إلىّ دمائى لأحيا وأتنفس ,لن أقول كل لحظة بل  سأقول كل “ لا زمَن” ..
أعلم أنك تفضّل العزلة , ولا تحدث صخباً كبيراً عندما تعمل من أجلى , ولكننى أطمئن علي نبضك من دون علمِك من وقتٍ لآخر ..أنا أفتقدك طوال الوقت برغم أننا معاً بشكلٍ دائم ..برغم أنك تطّلع على كل ما أشعر وما أفكّر ..أتمنى فقط لو أدرك سرّك ..
أتذكُر عندما همست لى وأنا أكتحل  : "مفيدةٌ قطراتُ الدمعِ الصباحية .. تذوب فى الكُحل, فتجعل المِرْوَد أسهل جرياناً على الجفنين..وتغتسلُ بها أحلامُ البارحةِ المستحيلة .." ..أعشق همسك لى مهما آلمنى وصفعنى بكشفه لحقيقتى ..بل وأكتب ما تمليه علىّ بأمانة شديدة, لغتك معقدة ومركبة وصاخبة فى كثير من الأحيان ولكنك رءوف فتتحدث على مهلٍ ولا تشرع فى جملةٍ جديدة إلا عندما يذوب رجع صوتك..
تدرى أننى أحب حافظ الشيرازى ..تعلم أيضاً أننى شرعت فى تعلّم الفارسية كى أقرأ له , أتذكر عندما قال :" يارب فى عُش مَن؟! هذه الشمعة التى تنير القلوب ؟!" ..سمعتُ بكاءك وكأنك كنتَ تجالسٌه مع ندمائه وتشاهد حيرةَ دموعه..خُيّل إلى أنك قد قفزت عالياً عندما سمعته يقول " من لم يزرع بذور العشق وأراد الوصال كمن عقد النية على الإحرام بكعبة القلب بغير وضوء واغتسال "..
أخشى عليك يا قلبُ ..من أمراض القلوب ومن مرضى القلوب ..لا تشح بوجهك عنى واستمع إلى ..أدينُ لك بالفضل لرهافة الحس ورقة الطباع ..ولكن تذكّر أن العشق شيطان يخمّر طينة آدم ..وأنت الأقرب إلي قطعة الطينِ الشريفة تلك مِنى ..لوثَنِى الألم وعكّر مائى..ولكن أنت النقىّ البرىء ..أنت مَن تحمل فيك السرّ وليداً وكهلاً ..
كنّا صديقين ولازالنا ..ولكنّك فى الماضى كنت فتيًّا , يملاؤك الحماس , تعشق بجنون وتقضى ليالٍ طويلة تئن كالطفل بين ضلوعى ثم تُصبح من الحمّى معافى متعرقاً بالشفاء ..صرتَ الآن ناضجاً جداً فصار حزنك أعمق وأشد وضلالك القديم كما هو ..هوسك بالصوفية وطربك للقرآن ونقشك لاسم النبىّ كلما خلوتَ إلى نفسى تحدثها..راخمانينوف وفيفالدى وشوبان وعبد الوهاب رفقاء شجرة سنط السمر التى نجلس تحتها فى كل الأماسى ..

أرجوكَ أن تكره قليلاً , واعلن كراهيتك ولا تقتلنى مبكراً بهدوء القبور الذى تمرّن نفسك عليه كل يوم ..أريد أن نُكمِل المشوار سوياً دون وقوع أحدِنا من الآخر..ألا تريد ذلك؟

  (المخلصة لك...)




No comments:

Post a Comment